اعلانات

banner image
banner image

كِتاب للزمن | معجزة القرآن الكريم


بسم الله الرحمن الرحيم

لطالما طالعت قصص الأنبياء, بالأخص معجزاتهم, بعضهم من قرأت لهم القصة نفسها أكثر من ١٠ مرات, بينهم سيدنا موسى مثلاً.
كل مرّة أقرأ قصّته والإعجاز الذي حصل معه من الله يزداد إيماني بعظمة الخالق, لكن يعود سؤال الطفولة نفسه إلى خاطري:
لماذا وقعت بين أيدي معظم الأنبياء (عدا سيدنا محمّد) معجزات ماديّة, بينما مع سيدنا محمّد لم نرى معجزةً ماديّةً واحدة.
بالمقارنة بين من يُحيي الموتى (عيسى) وبين مين يرمي عصاه فإذا هي حيّة ويشق بها البحر (موسى) نرى أن سيدنا محمّد لم يأتي بما جاؤوا به, وإنّما حين تنظر فيما ميّزه عن غيره ترى شيئاً واحداً, القرآن, لكن ما الذي يجعل القرآن معجزة؟
القرآن نفسه جعلني أضع اشارات استفهام في هذه القضيّة حين وصف الله تعالى نبيّه الخاتم محمّد بأنه مبعوث رحمةً (للعالمين) أي ليس لفئة محدّدة من البشر كموسى وعيسى, بل للجميع, ومع ذلك, هذا النبي بهذه الدعوة الكبيرة جداً لكل أمم الأرض حتى يوم القيامة, لم يُبعث بمعجزات ماديّة كحال من سبقوه, أليس من المنطق أن يُبعث بما بُعثوا فيه من المعجزات بل وأكثر كون رسالته أعم وأشمل؟ ما نعرفه أنّه بُعثَ بالقرآن فقط, لكن كيف للقرآن أن يكون أقوى من كل المعجزات السابقة لهؤلاء الأنبياء؟
كيف لكتابٍ لا ينطق أن يحاور أمم الأرض كلّها ويُعجزها منذ زمن رسول الله إلى يوم القيامة؟
بدأت رحلتي في البحث عن هذه الإجابات من المعجزات نفسها, معجزات من سبقوه أوّلاً.
عندما تقرأ في هذه المعجزات ترى شيئاً مشتركاً بينها رغم اختلافها, الشيء المشترك أنّها كلّها معجزات حصلت وانتهت, يعني كانت مؤقّتة, لفترة زمنية بسيطة.
النقطة الثانية أنّ هذه المعجزات كانت معجزات لأنّها أظهرت ضعف تلك الأمم في أكثر ما اشتهروا به, لذلك أعجزتهم, خذوا سيدنا موسى وعصاه مثالاً, فرعون وجنده اشتُهروا بسحرهم, فكانت قمّة الإعجاز أن يأتي الله بسحرٍ يفوق سحرهم.
لكن هذه المعجزة انتهت بعد ذلك فوراً, حالها كحال معجزات كل الأنبياء (عدا سيّدنا محمد) لم يعد لها وجود بعد وفاتهم وانتهى أثرها.
كانت هذه المرحلة الأولى, ولنقل الأسهل مقارنةً فيما بعدها. الآن حان وقت البحث في القرآن نفسه.
بدايةً الأمر يصبح سهلاً عليك نفسيّاً كون الله سبحانه وتعالى يخبرك بصريح العبارة أن هذا القرآن فيه اعجاز , فإيمانك به يطمئنك أنك ستلقى اجابة ما تبحث عنه في هذا الكتاب.
"يا أيّها الناس قد جاءكم (برهانٌ) من ربكّم وأنزلنا إليكم نوراً مبينا"
أريدكم أن تعودوا معي إلى مكة, إلى الفترة التي بُعثَ بها نبيّنا محمّد. نزل القرآن, وكان اعجازاً للعرب ولقريش في أكثر ما يتقنونه, الشعر العربي, لدرجة أنّ الوليد بن المغيرة أحد زعماء الكفر في مكة بعد سماعه لبعض آيات القرآن, ذهب لقريش وقال:  
"ما فيكم رجل أعلم مني بالشعر ولا بزجره، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن، ووالله ما يشبه الذي يقوله محمد شيئا من هذا، ووالله إن لقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمنير أعلاه، مشرق أسفله, وإنه ليعلو ولا يعلى، وإنه ليحطم ما تحته". 
أعجزت لغة القرآن قريش فخضعوا له لأنّه تحدّاها في أكثر ما تجيده, كما تحدّى موسى فرعون وجنده في أكثر ما يجيدونه, لكن ماذا عن الأمم اللاحقة بعد قريش؟ 
كيف لهذا القرآن أن يكون برهاناً لكل الأمم, نعم أعجز قريش باللغة لكن باقي الأمم التي لا تعطي اللغة والشعر أي أهميّة, كيف لهذا القرآن أن يعجزها ويجعلها تخضع؟ بقي هذا السؤال في داخلي بلا إجابة إلى أن تعرّفت على "آندرو".
آندرو هو شاب بريطاني تحوّل للإسلام منذ سنوات قليلة, كنت أشاهد واستمع لقصّة اسلامه. آندرو شاب مثقّف وعالم, ولديه اطلاع واسع, كان يبحث عن احتمال وجود شيء أسرع من سرعة الضوء في هذا العالم, عن احتمالية التنقّل عبر الأزمنة. في بحثه وصل لنتيجة أنه لا يمكن حصول هذا, لكن بقيت مشكلة واحدة لديه, وهي هؤلاء الذّين يدّعون التنبؤ بالمستقبل وبما سيحدث فيه, كيف استطاعوا التنبؤ بما سيحصل لولا أنّهم انتقلوا عبر الزمن؟ ومن بينهم كان سيدنا محمد.
مسك آندرو الكتاب الذي جاء به (محمّد) ليقرأه ويعرف ما جاء فيه, لكن بحثه عن امكانية الانتقال عبر الزمن تحوّل لسبب في اسلامه بعد أن وقعت تحت عينيه آية يقول الله فيها في سورة المؤمنون:
"ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طين ثم جعلناه نطفةً في قرارٍ مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين"
ما لفت آندرو هو تشبيه الله للجنين في رحم الأم بكلمة "علقة" .. والعلقة كما نعرف هي نوع من المخلوقات التي قد تلتصق بجسم الانسان وتمتص منه غذاءها (الدم), ومهما تحرّك الإنسان أو حاول ازالتها فإنها تبقى عالقة بقوّة حتى تنتهي من غذائها فتسقط.
وهذا تماماً حال الجنين في بطن الأم, يمتص غذاؤه من دم الأم عبر الحبل السرّي ومهما تحرّكت الأم لا يسقط الجنين وعندما ينتهي من غذاءه ويصبح جاهزاً ليستقل عن أمّه يخرج من رحمها.
آندرو لم يستطع إلا أن يؤمن, لأنه لا يوجد تفسير واحد كيف لرجل من مكّة قبل ١٤٤٠ سنة بأن يأتي بهذا الكلام من عنده, كلام لم يكن لنا لمعرفة صحّته إلا في أيامنا هذا كوننا امتلكنا الأدوات اللازمة.
ماذا فعل الناس في زمن قريش بآيات القرآن التي لم يجدوا تفسيراً لها؟ الآية التي أسلم بسببها آندرو البريطاني هل كانت اعجازاً لقريش؟ لا, لأنهم لم يستطيعوا وقتها التأكد من صحّة هذا الإدعاء الذي تدّعيه الآية, لم يكونوا أصلاً أهل علم فيعجزهم القرآن بعلمهم.
متى أصبحت هذه الآية معجزة؟ بعد ١٤٤٠ عام! لماذا؟ لأن القرآن يخاطب كلّ امةٍ بما تجيده, القرآن ليس كتاباً للعلوم فقط, أو للفلك فقط, أو للشعر فقط, هو معجزةً حيّة لأنه ما زال منذ ١٤٤٠ عاماً إلى اليوم يخاطب كل أمّة تفتحه بلسانهم, يعجزهم بما يظنّنون أنهم أحاطوا به علما ليقول لهم لا, الله أعلم منكم.
لذلك كان القرآن معجزةً لا شبيه لها, معجزةً لا تنتهي بوفاة رسول الله, لذلك كانت قادرة على أن تكون معجزةً للعالمين, لأن الرسالة التي فيها هي رسالة للعالمين, تصلح لتعجز الجميع في أي زمان وفي أيّ مكان.

من حساب نور مشلح على الفيس بوك

كِتاب للزمن | معجزة القرآن الكريم كِتاب للزمن | معجزة القرآن الكريم بواسطة motasemH فى 4:37 م تقييم: 5

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.