اعلانات

banner image
banner image

العمل الفنى المدمر


بسم الله الرحمن الرحيم

الدكتور أحمد خالد توفيق أتكلم عن قصة جميلة وليها معنى عظيم بتتكلم عن الكاتب "فرانك ستوكتون" : الراجل ده وظيفته كاتب وفى مرة ابتكر قصة فكرتها عن " كاتب بيؤلف قصص قصيرة متوسطة المستوى وبيرسلها للمجلات وبيحقق منها دخل معقول يكفى عشاءه هو وزوجته.. وفى يوم من الأيام بيهبط على الكاتب الإلهام ويكتب قصة مؤثرة بعنوان "المرحومة أخت زوجته" لما زوجته قرأت القصه فضلت ساكتة ومرة واحده أنفجرت فى البكاء وقالت أنها أجمل قصة قرأتها فى حياتها.
لما الكاتب أرسل قصته للمجلة اللى بينشر فيها وبعدين صدر عدد المجلة التالى وفيها القصة، الناس أنبهرت وأرسلوا تعليقاتهم عن ازاى القصة عظيمة وكاتبها عبقرى وفيها عواطف حارة ومؤثرة ومنها اضطر رئيس التحرير أنه يرفع سعر القصة الواحدة للكاتب.
مع مرور الوقت؛ الضوضاء اللى سببتها قصة " المرحومة أخت زوجته" بتنتهى والحياة بترجع لرتابتها.. وبيعبر هنا الدكتور أحمد وبيقول - المجد لا يبقى للأبد وقد حان وقت إطعام المعدة الجائعة - وهنا الكاتب بيرسل قصته القصيرة الجديدة ولكن القصة بترجع ليه مرة تانية ومعاها رسالة من رئيس التحرير بتقول أن القصة جيدة، لكنها أقل من مستوى المرحومة أخت زوجته وبالتالى مش هننشرها عندنا فى المجلة.
الراجل حس بذعر وأرسل قصتة لمجلة تانية ولكن بعد يومين بترجع مع رسالة بتقول : لا نريد أن نبدد النجاح الساحق لقصة المرحومة أخت زوجته. لدرجة أنه فضل يحاول ويكتب قصص جديدة ولكن فى كل مرة كانت ترجع ليه مع إشارة أنها أقل من مستوى رائعته الأخيرة ومش عاوزين نهدم المجد اللى صنعه اسمك.. ووصل لمرحلة أنه صرخ وقال انشروها وادفعوا لى فلوس يولع المجد انا عاوز آكل أنا وزوجتى!.
لحد ما وصلوا لمرحلة صعبة من الفقر وصاروا جائعين ممزقى الثياب وهنا زوجته بتقنعه بعد يأسه أنه يكتب قصص جديدة ويرسلها بإسم مستعار.. وهكذا بالفعل توافق المجلات وتنشر للكاتب الآخر الجديد متوسط المستوى ده.
الكاتب ده فى مرة واقف قدام نافذة بيته وشاف راجل بيسن السكاكين.. ولاحظ أن الراجل ده من وقت لآخر بيرمى بعض السكاكين ويتخلص منها، فراح وسأله ايه السبب؟
الراجل قاله السكاكين اللى بتخلص منها مسنونة ببراعة وإتقان وعلشان كده بتخلص منها لأن لو الزبون شافها هيطلبوا الجودة دى دايمًا ومش هيشتروا أى شئ هصنعه أقل فى الجودة دى.
فى نفس اليوم بيقعد المؤلف مع نفسه وبيبدأ يكتب قصة جديدة وحس أن الإلهام بيزوره وفضل يكتب للصباح لحد ما انتهى من قصة رائعة بعنوان أحزان الخريف، ولما أعطاها لزوجته تقرأ القصة. بدأت تقرأ وبعدين أنفها أحمر وسالت الدموع من عنيها وقالت ليه أنها أروع قصة قرأتها ليك كتبها من بعد..... وبعدين تبادلوا هما الاتنين نظرات مذعورة وكملت وقالت.... منذ قصة المرحومة أخت زوجته!
الراجل وزوجته انتابهم الذعر وخافوا ولما وصل الليل وضعوا القصة الاخيرة فى زكيبة محكمة الإغلاق واختاروا مكان عند الهضبة وهناك حفروا حفرة عميقة ورموا فيها الزكيبة وبعدين سدوا الحفرة بالحجارة والتراب وقال أنه لا يمكن ترجع القصة دى للحياة مرة تانية...
الدكتور أحمد خالد توفيق بيقول أن دى عقدة عارفها كل فنان. اسمها العمل المدمر.. وهو عبارة عن عمل فائق الجمال والعظمة بالتالي بيحرق العمل القادم بنيران المقارنة وبعدها القارئ أو المشاهد مبيقدرش يبتلع اى عمل آخر دون المستوى لنفس الفنان بكونسبت ( أنتا لسه مقربتش من روعة عملك كذا!).
وهو ده السبب أن آرثر كونان دويل مبتكر شخصية شيرلوك هولمز وواطسن، أنه دايمًا بيصر على قتل شيرلوك هولمز. لأن شخصية هولمز تضخمت وأصبحت أقوى من المؤلف نفسه ومشهورة أكتر منه والنتيجة أن القارئ العادى كان بيرفض قراءة أى شئ لآرثر.. حتى أن " آرثر دويل كونان" قتل شيرلوك وحاول يقدم أعمال متميزة بعيده عن عالم هولمز وواطسن ولكن النتيجة انه فشل فشل ذريع واضطر فى النهاية أنه يرجع شخصية شيرلوك للحياة!.
وده تعريف جديد من الفشل سببه أنك نجحت فى يوم من الأيام أكثر من اللازم!. ولكن التعاسة الحقيقيه على حد قول الدكتور أحمد هو الشخص الذى ليس فى حياته عمل فنى مدمر واحد!.

العمل الفنى المدمر العمل الفنى المدمر بواسطة motasemH فى 7:19 ص تقييم: 5

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.